استوقفتني ابتسامته ... :)

بعد أن انتهت المظاهره بسلام وخلال عودتي إلى المنزل .. استوقفتني إبتسامة ذلك الرجل المُسن الذي كان يقف قريباً من مكان المظاهرة ..
لم أستطع بعد أن ألقيت عليه التحية إلا أن أسئله عن سر تلك الإبتسامة , فلم يكن أحد بجانبه !!
نظر إليّ مطولاً - حتى ظننت أنه لن يجيب على السؤال - ثم أجابني :
سر هذه الإبتسامة هي تلك الأغنية التي أنشدها الثوار بأصوات تهز الأرض .. سرَّها ذكريات مريرة مسحها الثوار بأصواتهم .
سرّها شباب أعادوني إلى لحظات كم تمنيت أن تطول ..
وقفت حائراً أمام ما قاله !!!

أي أغنيه هي التي حركت فيه تلك المشاعر ، ألم يسمع أغاني الثوار حتى اليوم وبيته قريب من مكان التظاهر اليومي ؟ !!
قاطع تفكيري مدندناً :
بلاد العرب أوطاني ..
من الشام لبغدادِ
ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ
إلى مصر فتطوانِ

لا أنكر أني دهشت ، فقد توقعت أي إجابه إلا هذه ، ويبدو أن الرجل المسن لمح تلك الدهشه في معالم وجهي !!!
فتوقف عن الغناء ليسألني :
أتظنون أنكم وحدكم من تمتلكون روح الثورة ؟؟؟ !!

وقبل أن أجيبه ، عاد ليسألني :
أنتم تظنون أننا السبب بما أنتم فيه اليوم .. لأننا سكتنا عن ما حصل في ثمانينات القرن الماضي؟؟؟
لم أكن مهيئ لهذا النوع من الأسئلة في تلك اللحظة ، و لم أكن أتوقع أن يتطور الحديث في هذا السياق..
لم أعرف الجواب الذي يليق بهكذا سؤال , نعم أنا أحملهم المسؤولية ولو جزئياً ولكن هل أقول هذا؟؟
بشكل عفوي رددت عليه قائلاً: أنتم من ربيتم هذا الجيل القائم بالثورة اليوم .

لم يلتفت إلى إجابتي بل أكمل كلامه مستطرداً :لو كان لنا إمكانيات كالمتاحة لكم اليوم ما كنا سكتنا , نحن لم نعلم بما حل بحماة إلا بعد شهر كامل من وقع تلك المجزرة , لم نعلم بها حتى تم إبادتها !!

أنتم اليوم قادرين على إيصال صوتكم لحظة بلحظة ، فلديكم إتصال بكل العالم وعلى مدار الساعة .
لديكم إتصالات تساعدكم على الحركة و التنسيق لم نكن نمتلكها , بل أكثر من ذلك هل تعلم أن إرسال رسالة مكتوبة في ذالك الوقت تستغرق أكثر من شهر حتى تصل إلى أحد الدول العربية فما بالك بالدول الأجنبية !!
أنتم الأمل اليوم .. وأنتم أمل الغد..
كلمات جعلتني أرتجف من هول المسؤولية التي حملني إياها , كلمات جعلتني أعود إلى المنزل بنظره جديدة لثورتنا.
ثورة ربما للحظات ظننت أن الشباب فقط هم المعنيون بها , لأكتشف بعد وقوفي مع ذاك المسن أننا نحن من حيدناهم عنها , بتحميلهم وزر ما حدث في حماه دون أن نعي الظروف ..
ومطالبتهم مواكبتنا في ثورة جزء منها مرتبط بتكنولوجيا ليست مألوفة لديهم..

لعل المشكلة ليست فيهم بل فينا .. من الصعب الطلب منهم مواكبتنا بشيئ لم يألفوه سابقاً , لكن من السهل علينا إستمالتهم بطريقتهم هم , فإن كانت أغنية كهذه لها هذا الوقع في نفس ذاك المسن , فلعلها المدخل الصحيح لإستمالة شريحة عمرية جديدة إلى الثورة نحن بأمس الحاجة لخبرتها في الحياة لتكون عوناً لنا في إكمال مشوارنا حتى إجلاء هذه العائلة عن أرض بلادنا.

بلاد العرب أوطاني...من الشام لبغدادِ
ومن نجدٍ إلى يمنٍ ...إلى مصر فتطوان

الثورة ليست للشباب فقط .. بل هي للجميع .. لكل حر تأبى نفسه المذلة ...
هذه قصة حقيقية ليست من وحي الخيال ..
حي بــرزة 1/5/2012