احلى اصحاب
منتدى احلى اصحاب
الاخوة الصادقة
اخوه فى الله - ممزوجة بالايمان
ندعوك للتسجيل معنا فى المنتدى واضافة لمستك الجميلة فية
احلى اصحاب
منتدى احلى اصحاب
الاخوة الصادقة
اخوه فى الله - ممزوجة بالايمان
ندعوك للتسجيل معنا فى المنتدى واضافة لمستك الجميلة فية
احلى اصحاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاخلاق في القران

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
طالبة عفو الرحمن
زهرة ندية من فلسطين الحبيبة
زهرة ندية من فلسطين الحبيبة
طالبة عفو الرحمن


انثى
عدد المساهمات : 5925
العمر : 31
الاوسمة: : الاخلاق في القران Ahlasa10
الاخلاق في القران Empty
النشاط : 7566
التقييم : 850

الاخلاق في القران Empty
مُساهمةموضوع: الاخلاق في القران   الاخلاق في القران Icon_minitime1السبت أكتوبر 02, 2010 12:54 am

lor=red]]وفي «الآية الثالثة»: من الآيات محل البحث نجد بحثاً آخر عن سوء الظن بالنسبة إلى ساحة الربوبية والحقيقة المقدّسة الإلهية في حين أنّ الآيات السابقة كانت تتحدّث عن سوء الظن بالنسبة لأفراد البشر، فتقول الآية بعد أن قرّرت أنّ الهدف الآخر من الفتح المبين وهو فتح الحديبية أنّ الله تعالى يريد أن يعذّب المنافقين والمشركين فتقول: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ


[ 287 ]


عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً).
إنّ سوء الظن بالله تعالى من جانب هؤلاء هو لانهم كانوا يتصوّرون أنّ الوعود الإلهية للنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) سوف لا تتحقّق أبداً وأنّ المسلمين مضافاً إلى عدم انتصارهم على العدو فإنّهم سوف لا يعودون إلى المدينة اطلاقاً، كما كان في ظن المشركين أيضاً حيث توهّموا أنّهم سوف يهزمون رسول الله وأصحابه لقلّة عددهم وعدم توفّر الأسلحة الكافية في أيديهم وأنّ نجم الإسلام منذر بالزوال والاُفول، في حين أنّ الله تعالى وعد المسلمين النصر الأكيد وتحقّق لهم ذلك، بحيث أنّ المشركين لم يتجرّأوا أبداً على الهجوم على المسلمين (رغم أنّ المسلمين في الحديبية وعلى مقربة من مكّة كانوا تحت يدهم ولم يكونوا يحملون أي سلاح لأنّهم كانوا قاصدين لزيارة بيت الله الحرام) وهكذا ألقى الله تعالى الرعب والخوف في قلوب المشركين إلى درجة أنّهم خضعوا ووجدوا أنفسهم ملزمين بكتابة الصلح المعروف بصلح الحديبية، ذلك الصلح الذي مهّد الطريق للإنتصارات الباهرة التي نالها المسلمون فيما بعد.
وعلى أيّة حال فإنّ القرآن الكريم يذم سوء الظن هذا ذمّاً شديداً ويعد عليه العذاب الأليم والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة.
والملفت للنظر في هذه الآية أنّ مسألة سوء الظن بالله تعالى كانت بمثابة القدر المشترك بين المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات، وبيّنت هذه الآية أنّ جميع هذه الفئات والطوائف شركاء في هذا الأمر، بخلاف المؤمنين الذين يحسنون الظن بالله تعالى وبوعده وبرسوله الكريم ويعلمون أنّ هذه الوعود سوف تتحقّق قطعاً، ولعلّ تحقّقها قد يتأخر فترة من الوقت لمصالح معيّنة ولكنها أمر حتمي في حركة عالم الوجود، لأنّ الله تعالى العالم بكل شيء والقادر على كل شيء لا يمكن مع هذا العلم المطلق والقدرة اللاّمتناهية أن يتخلّف في وعده، ولهذا السبب فإنّ الآية التالية لهذه الآية من سورة الفتح تقول: (وللهِ جُنُودُ السمـاواتِ والأَرضِ وَكـانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً).
أمّا السبب الذي دفع المنافقين والمشركين أن يقعوا في حبالة سوء الظن في حين أنّ

[ 288 ]


قلوب المؤمنين مملوءة بحسن الظن بالله تعالى فإنّما هو لأجل أنّ المشركين والمنافقين لا يرون من الاُمور إلاّ ظاهرها ولا يتحرّكون إلاّ من موقع الأخذ بظاهر الحوادث والوقائع دون الحقائق الكامنة في باطنها، في حين أنّ المؤمنين الحقيقيين يتوجّهون إلى باطن الاُمور ويأخذون بالمحتوى والمضمون للواقعة.

—–
وتستعرض «الآية الرابعة» أيضاً سوء الظن بالنسبة إلى الوعد الإلهي الذي تزامن مع حرب الأحزاب، وهي الحرب التي اعتبرت أخطر الحروب التي واجهها النبي(صلى الله عليه وآله)والمسلمون، لأنّ المشركين كانوا قد اتحدوا مع جميع المخالفين للإسلام وشكّلوا أعظم جيش في ذلك الزمان بهدف القضاء على الإسلام والمسلمين، وكان هذا الجيش من القوة والعظمة أنّ ضعيفي الإيمان تزلزلوا لذلك وشككوا بالوعود الإلهية في نصرة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)والمسلمين، فتقول الآية حاكية عن هذه الحالة الشديدة التي كان يعيشها المسلمون في ذلك الوقت العصيب: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الاَْبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَ * هُنَالِكَ ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيداً).
ولا شك أنّ سوء الظن بالله تعالى يختلف كثيراً عن سوء الظن بالناس، لأنّ سوء الظن بالناس غالباً ما ينتهي بارتكاب الإثم أو سلوك طريق خاطيء في التعامل مع الطرف الآخر، في حين أنّ سوء الظن بالله تعالى يتسبب في تزلزل دعائم الإيمان وأركان التوحيد في قلب المؤمن، أو أنّه يكون دافعاً وعاملاً من العوامل لذلك، لأنّ الاعتقاد بأنّ الله تعالى قد يخلف وعده يقع في دائرة الكفر، لأنّ خلف الوعد إمّا ناشيء من الجهل أو العجز أو الكذب، ومعلوم أنّ كل واحد من هذه الاُمور محال على الله تعالى وأنّ الذات المقدّسة منزّة عن هذه الاُمور السلبية، ولهذا السبب فإنّ الآيات محل البحث التي تستعرض سوء الظن بالله تذم هذه الحالة بشدّة وعنف.
«الآية الخامسة» تتحدّث أيضاً عن سوء الظن بالله تعالى، وهذه الآية ناظرة إلى


[ 289 ]


غزوة أحد والتي ابتلى بعض المسلمين فيها بعد هزيمتهم في ميدان الحرب أمام المشركين بسوء الظن بالنسبة إلى الوعد الإلهي بالنصر، فنزلت الآية المذكورة موبّخة لهم بشدّة على سوء الظن هذا، في حين أنّ الآيات التي وردت قبلها هي في الحقيقة إشارة إلى أنّ وعد الله بالنصر على الأعداء قد تحقق في بداية الأمر في معركة أحد، ولكنّ طلاّب الدنيا والطامعين في زخارفها غفلوا عن هجوم العدو وانشغلوا بجمع الغنائم الحربية، وبالتالي تسببوا في الهزيمة المرّة لجيش الإسلام، فهنا نجد أنّ الله تعالى قد وفى بعهده ووعده ولكنهم كما تقول الآية لم يتحرّكوا في خط الإيمان والاستقامة، ثم تأتي الآية محل البحث لتقول للمسلمين: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الاَْبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَ * هُنَالِكَ ابْتُلِىَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيداً).
وفي ذيل هذه الآية إشارة أيضاً إلى أنّ هذا إمتحان إلهي لكم ليتّضح ميزان وفاءكم واستقامتكم ومقدار إيمانكم بالله تعالى وبالإسلام.
ويتّضح من سياق هذه الآية والآيات التي قبلها هذه الحقيقة، وهي أنّ مسألة سوء الظن بالله غالباً تصيب الأشخاص الضعيفي الإيمان في مواقع الشدّة والأزمة، سواءاً كانوا في معركة الأحزاب، أو في أحد أو في الحديبية، وفي الحقيقة أنّ مثل هذه المواقع تعدّ بمثابة المختبر للكشف عن جوهر إيمان الشخص وإخلاصه.

—–
وتأتي «الآية السادسة» والأخيرة لتستعرض أيضاً سوء الظن بشكل عام من موقع الذم وتدعو كذلك إلى حسن الظن، وهذ الآية ناظرة إلى قصّة الإفك المعروفة في عصر النزول، ونعلم أنّ جماعة من المنافقين إتّهموا أحدى زوجات النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)بخروجها عن جادّة العفاف وشاعوا ذلك بين الناس إلى درجة أنّ هذه الشائعة وبلحظات قليلة استوعبت جميع من في المدينة، وبالرغم من أنّ هدف المنافقين حسب الظاهر هو اتهام احدى زوجات النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)ولكنّهم في الواقع كانوا يستهدفون النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله)والإسلام والقرآن بالذات، وفي هذه الفترة الحرجة نزلت الآيات أعلاه لتفضح نفاق المنافقين وتزيل الحجاب

[ 290 ]


عن سلوكياتهم الدنيئة وتبطل مؤامراتهم الخبيثة، ونرى أنّ عبارات هذه الآيات من القوة والدقّة في المضامين والبلاغة بحيث أنّها تثير الاعجاب لدى كل إنسان، والآية مورد البحث هي أحد الآيات الخمسة عشر النازلة في واقعة الإفك حيث تقول الآية: (لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ).
والتعبير بالمؤمنين والمؤمنات يدل على أنّ من علامات الإيمان هو حسن الظن بالنسبة إلى المسلمين، وتدلّ على أنّ سوء الظن يتقاطع مع جوهر الإيمان.
وفي الواقع فانّ هذه الآية تقسّم الناس إلى ثلاث طوائف طائفة المنافقين الذين يشيعون الإفك بين المسلمين، وطائفة منهم هم القادة والكبار من المنافقين الذين تعبّر عنهم الآية: (وَالَّذِي تَولَّى كِبرَهُ).
وطائفة ثالثة هم المؤمنون الذين توّرطوا في تصديق هذا الإفك المبين من موقع طيبة أنفسهم وطهارة قلوبهم وسذاجة عقولهم.
فهنا نجد أنّ القرآن الكريم يتحدّث في هذه الآية مخاطباً الطائفة الثالثة من موقع الذم الشديد والتوبيخ وأنّهم لماذا أصبحوا آلة وأداة بيد المنافقين الذين يشيعون الإفك والفاحشة بين الناس؟
وفي هذه الآيات الستة التي بحثت في بعضها سوء الظن بالنسبة إلى الناس وفي بعضها الآخر سوء الظن بالنسبة إلى الله تعالى نرى أنّ هذه الرذيلة الأخلاقية قد وقعت موقع الذم الشديد، وبعض الآيات أشارت إلى بعض ما يترتب عليها من الآثار السلبية على حياة الإنسان، ولو لم يكن في بيان قبح هذه الرذيلة الأخلاقية سوى ما ورد في بعض الآيات القرآنية الشريفة لكفى ذلك، فكيف بما ورد في الكثير من الآيات والروايات الدينية الاُخرى والتي سنتحدث عنها لاحقاً؟


سوء الظن في الروايات الإسلامية:


أمّا بالنسبة إلى الروايات الإسلامية فالمتتبع يرى أنّ تقبيح هذه الرذيلة الأخلاقية وذمّها

[ 291 ]


على أساس أنّها من أشنع الخصال الأخلاقية السلبية ولهذه الرذيلة صدى واسع في النصوص الدينية الروائية، ونستعرض هنا بعض النماذج في هذا الباب:
1 ـ ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «إِيّاكُم وَالظّنُّ فَاِنَّ الظَّنَّ أَكذَبُ الكِذبِ»(1).
2 ـ ونقرأ في حديث آخر أيضاً عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) قوله: «أَنَّ اللهَ حَرَّمَ مِنَ المُسلِمِ دَمَهُ وَمـالَهُ وَعرِضَهُ وَأَنَّ يَظُنَّ بِهِ السُّوءَ»(2).
3 ـ وفي حديث مثير عن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «لا إِيمـانَ مَعَ سُوءِ ظَنِّ»(3).
وهذا التعبير يمكن أن يكون إشارة إلى سوء الظن بكلا قسميه، سوء الظن بالنسبة إلى الناس، أو سوء الظن بالنسبة ا لى الله تعالى.
4 ـ ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام(عليه السلام) أيضاً قوله: «إِيِّاكَ أَنْ تُسِيءَ الظّنَّ فَاِنَّ سُوءَ الظّنِّ يُفسِدُ العِبـادَةَ وَيُعَظِّمُ الوِزرَ»(4).
5 ـ ونقرأ في حديث آخر عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قوله: «سُوءُ الظَّنِّ بِالمُحسِنِ شَرُّ الإِثمِ وَأَقبَحُ الظُّلمِ»(5).
6 ـ وورد أيضاً عن هذا الإمام(عليه السلام) نفسه قوله: «سُوءُ الظَّنِّ يُفسِدُ الاُمُورَ وَيَبعَثُ عَلَى الشُّرُورِ»(6).
7 ـ وورد أيضاً عنه(عليه السلام) أنّه قال: «شَرُّ النّاسِ مَنْ لا يَثِقُ بِأَحَد لِسُوءِ ظَنَّهِ وَلا يَثِقُ بِهِ أَحَدٌ لِسُوءِ فِعلِهِ»(7).
8 ـ ونقرأ في نهج البلاغة قول الإمام علي(عليه السلام): «لا تَظُنَنَّ بِكَلِمَة خَرَجَتْ مِنْ أَحَد سُوءً



1. وسائل الشيعة، ج18، ص138، ح42; بحار الانوار، ج72، ص195.
2. المحجة البيضاء، ج5، ص268.
3. غرر الحكم.
4. المصدر السابق.
5. المصدر السابق.
6. المصدر السابق.
7. المصدر السابق.




[ 292 ]


وَأَنتَ تَجِدُ لَهـا فِي الخَيرِ مُحتَمَلاً (مَحمَلاً»(1).
9 ـ ونقرأ في حديث آخر عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أيضاً قوله: «وَاللهِ مـا يُعَذِّبُ اللهُ سُبحَـانَهُ مُؤمِناً بَعدَ الإِيمـانِ إِلاّ بِسُوءِ ظَنِّهِ وَسُوءِ خُلُقِهِ»(2).
ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام الهمام(عليه السلام) نفسه: «مَنْ غَلَبَ عَلَيهِ سُوءُ الظَّنِّ لَم يَترُكْ بَينَهُ وَبَينَ خَلِيل صُلحَاً»(3).
وكذلك وردت روايات كثيرة في باب سوء الظن بالله وعدم الإيمان والتصديق بوعده حيث تحكي عن آثار سلبية خطيرة في حياة الإنسان المادية والمعنوية، ومن ذلك:
1 ـ ما ورد في الحديث الشريف عن الإمام الباقر(عليه السلام) عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «واللهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ لا يُعَذِّبُ اللهُ مُؤمِناً بَعْدَ التَّوبَةِ وَالإِستِغفَارِ إلاّ بِسُوءِ ظَنِّهِ بِاللهِ وَتَقصِير مِنْ رَجـائِهِ بِاللهِ وَسُوءُ خَُلُقِهِ وَإِغتَيابِهِ لِلمُؤمِنينَ»(4).
2 ـ ونقرأ في حديث آخر عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) أنّ النبي داود(عليه السلام) قال: «يـا رَبِّ مـا آمَنَ بِكَ مَنْ عَرَفَكَ فَلَم يُحسِنِ الظَّنَّ بِكَ»(5).
3 ـ وقال الإمام علي(عليه السلام) أيضاً: «الجُبنُ وَالحِرْصُ وَالبُخلُ غَرائِزُ سُوءُ يَجمَعُها سُوءُ الظَّنِّ بِاللهِ سُبحـانَهُ»(6)
ومن المعلوم أنّ الشخص الذي يعيش الإيمان بالعناية الإلهية ونصرته لعباده المؤمنين فلا يجد الخوف سبيلاً إلى قلبه من الأعداء، والشخص الذي يثق بوعد الله في مسألة الرزق، فلا يجد الحرص سبيلاً إلى نفسه ولا يعيش البخل في حياته، وعليه فإنّ هذه الصفات الثلاثة المذكورة في هذا الحديث الشريف هي في الواقع تنبع من سوء الظن بالله تعالى.
إن ما ورد في الروايات أعلاه يعدّ غيض من فيض الروايات الكثيرة في باب سوء الظن



1. نهج البلاغة، الكلمات القصار، ح360; بحار الانوار، ج71، ص187.
2. غر الحكم.
3. المصدر السابق.
4. بحار الانوار، ج67، ص394.
5. المصدر السابق، ص394.
6. غرر الحكم.




[ 293 ]


الواردة في المصادر المعتبرة والتي تتضمن دقائق لطيفة عن علل ودوافع هذه الرذيلة الأخلاقية وآثارها السلبية الكثيرة، وقد أوردنا في هذا المقتطف عشر روايات في سوء الظن بالنسبة إلى الناس وثلاث روايات في مورد سوء الظن بالله وتحتوي على مفاهيم دقيقة ونكات جميلة في تحليل هذا المفهوم الأخلاقي ودراسة أبعاده المتنوعة.


حسن الظن في الروايات الإسلامية:


كما رأينا أنّ سوء الظن يفضي إلى إيجاد الخلل والإرتباك في المجتمع البشري ويؤدّي إلى سقوط الإنسان الأخلاقي والثقافي ويورثه التعب والألم والشقاء والمرض الجسمي والروحي، ففي الجهة المقابلة نجد أنّ حسن الظن يتسبب في أن يعيش الإنسان الراحة والوحدة والإطمئنان النفسي، ولهذا السبب نجد أنّ الروايات الإسلامية الكثيرة تؤكّد على حسن الظن بالنسبة إلى الناس، وكذلك بالنسبة إلى الله تعالى، أمّا في مورد حسن الظن بالنسبة إلى الناس، فنختار من الأحاديث الشريفة ما يلي:
1 ـ ما ورد في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال: «حُسنُ الظَّنِّ مِنْ أَفضَلِ السَّجـايـا وَأَجزَلِ العَطـايـا»(1).
2 ـ ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام العظيم(عليه السلام) أنّه قال: «حُسنُ الظَّنِّ مِنْ أَحَسنِ الشِّيَمِ وَأَفَضلِ القِسَمِ»(2).
3 ـ وأيضاً ورد عن هذا الإمام(عليه السلام) قوله: «حُسنُ الظَّنِّ يُخَفِّفُ ألَهَمَّ وَيُنجِي مِنْ تَقَلُّدِ الإِثمَ»(3).
4 ـ وفي حديث آخر عن هذا الإمام العظيم(عليه السلام) أيضاً أنّه قال:«حُسنُ الظَّنِّ مِنْ رَاحَةُ الَلبِ وَسَلامَةُ الدِّينِ»(4).




1. غرر الحكم.
2. المصدر السابق.
3. المصدر السابق.
4. المصدر السابق.




[ 294 ]


5 ـ وأيضاً ورد في حديث آخر عن هذا الإمام أنّه قال: «مَنْ حَسُنَ ظنُّهُ بِالنّاسِ حـازَ مِنهُمُ المَحَبَّةَ»(1).
أمّا بالنسبة إلى حسن الظنّ بالله تعالى، فنقرأ أحاديث كثيرة في هذا الباب مذكورة في المصادر المعتبرة منها:
1 ـ ما ورد في الحديث الشريف عن بعض المعصومين(عليهم السلام)أنّه قال: «وَالَّذِي لا إِلـه إِلاّ هُوَ مـا أُعطِيَ مُؤمِنٌ قَطُّ خَيرَ الدُّنيـا وَالآخِرَةِ إِلاّ بِحُسنِ ظَنِّهِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَجـائِهِ لَهُ وَحُسنِ خُلقِهِ وَالكَفِّ عَنْ إِغتِيابِ المُؤمِنِينَ»(2).
2 ـ وكذلك ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام) أنّه قال: «وَأَحسِنِ الظَّنَّ بِاللهِ فَإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: أَنا عِندَ ظَنِّ عَبدِي المُؤمِنِ بِي إنْ خَيراً فَخَيراً وَإِنْ شَرَّاً فَشَرَّاً»(3).
3 ـ ويشبه هذا المعنى أيضاً وبشكل جامع ما ورد عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «وَالَّذِي لا إِلـه إِلاّ هُوَ لا يَحسُنُ ظَنَّ عَبد مُؤمِن بِاللهِ إِلاّ كـانَ اللهُ عِندَ ظَنِّ عَبدِهِ المُؤمِنِ لأَنَّ اللهَ كَرِيمٌ بِيَدِهِ الخَيراتُ يَستَحِيي أَِنْ يَكُونَ عَبدُهُ المُؤمِنُ قَدْ أَحسَنَ بِهِ الظَّنَّ ثُمَّ يُخلِفُ ظَنَّهُ وَرَجـاءَهُ فَأَحسِنُوا بِاللهِ الظَّنَّ وَارغَبُوا إِلِيهِ»(4).
4 ـ ونقرأ في حديث آخر عن النبي الأكرم قوله: «رَأَيتُ رَجُلاً مِنْ اُمََتِي عَلَى الصِّراطِ يَرتَعِدُ كَمـا تَرتَعِدُ السَّعفَةُ فِي يَومِ رِيح عـاصِف وَجـاءَهُ حُسنُ ظَنِّهِ بِاللهِ فَسَكَّنَ رَعدَتَهُ»(5).
5 ـ وفي الحديث الشريف عن الإمام الصادق(عليه السلام) في تفسير حسن الظن بالله تعالى قال: «حُسنُ الظَّنِّ بِاللهِ أَنْ لا تَرجُو إِلاّ اللهَ وَلا تَخـافَ إِلاّ ذَنبَكَ»(6).

—–





1. غرر الحكم.
2. اصول الكافي، ج2، ص71، ح2.
3. المصدر السابق، ص72، ح3.
4. بحار الانوار، ج67، ص365، ح14.
5. مستدرك الوسائل، ج11، ص250.
6. اصول الكافي، ج2، ص72، ح4.




[ 295 ]



تعريف سوء الظن وحسن الظن:


عندما ترد هاتان المفردتان ويراد بهما سوء الظن أو حسنه بالنسبة إلى الناس فَإنّ لهما مفهوماً واضحاً، فالمفهوم من سوء الظن هو أنّه كلّما صدر من شخص فعل معيّن يحتمل الوجهين الصحيح والسقيم، فنحمله على المحمل السقيم ونفسّره بالتفسير السيء، مثلاً عندما يرى الشخص رجلاً مع امرأة غريبة فيتصوّر أنّ هذه المرأة أجنبية وأنّ هذا الرجل ينوي في قلبه نيّة سوء تجاهها ويريد ارتكاب المنكر معها، في حين أنّ حسن الظن يقود الإنسان إلى القول بأنّ هذه المرأة هي زوجته أو أحد محارمه حتماً، أو عندما يقدم إنسان على بناء مسجد أو أي عمل من أعمال الخير الاُخرى، فإنّ مقتضى سوء الظن أن يوحي للإنسان بأنّ هدف هذا الشخص هو الرياء أو خداع الناس وأمثال ذلك، في حين أنّ حسن الظن يدفعه إلى القول بأنّ عمله هذا كان بدافع إلهي ونيّته خير وصلاح.
ومن هنا يتّضح أنّ دائرة حسن الظن وسوء الظن واسعة جدّاً ولا تنحصر في ممارسة العبادات فقط، بل تستوعب في مصاديقها ومواردها المسائل الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية أيضاً.
وعندما تستعمل هاتان المفردتان بالنسبة إلى الله تعالى فالمراد من حسن الظن بالله هو أن يثق الإنسان بالوعد الإلهي في مورد الرزق أو العناية بالعبد أو نصرة المؤمنين والمجاهدين، أو الوعد بالمغفرة والتوبة على المذنبين وأمثال ذلك، ومعنى سوء الظن بالله تعالى هو أنّ الإنسان عندما يجد نفسه في زحمة المشكلات والمصاعب فإنّه يعيش الاهتزاز وعدم الثقة بالوعد الإلهي، وعندما يقع في بعض الابتلاءات العسيرة وفي المسائل المالية وغيرها فإنّه ينسى وعد الله تعالى للصابرين والذين يتحرّكون في خط الاستقامة والانضباط والمسؤولية، ويتحرّك عندها في خط المعصية والإثم.
وقد رأينا في الروايات السابقة تعبيرات مثيرة وحيّة توضّح ما ذكرناه آنفاً عن المفهوم من هاتين المفردتين.
وهنا لابدّ من استعراض بعض النكات المهمّة وتحليل بعض النقاط في هذا الباب:


[ 296 ]



الآثار السلبيّة لسوء الظّن


إنّ إتّساع دائرة سوء الظن في المجتمعات البشرية يترتب عليها آثار سلبية وخيمة ومضرّات كثيرة قد لا تكون مستورة على أحد من الناس، ولكن لغرض توضيح هذا المطلب ينبغي الالتفات إلى ما يلي:
أ) إنّ من أسوأ الآثار السلبيّة لهذه الرذيلة الأخلاقية على المستوى الاجتماعي هو (زوال الثقة والاعتماد المتقابل) بين أفراد المجتمع والذي يعدّ محور المجتمعات البشرية والعنصر المهم في عملية شد مفاصل المجتمع وتقوية الوشائج والعلاقات التي تربط بين أفراده، وقد تقدّمت الإشارة إليها إجمالاً في الروايات الشريفة المتقدّمة، ومن ذلك قوله(عليه السلام): «شَرُّ النّاسِ مَنْ لا يَثِقُ بِأَحَد لِسُوءِ ظَنَّهِ وَلا يَثِقُ بِهِ أَحَذٌ لِسُوءِ فِعلِهِ»(1).
فنجد أنّ المجتمع البشري الذي يسوده عدم الثقة وعدم الاعتماد بين أفراده فمثل هذا المجتمع تتبخّر فيه أجواء التعاون والتكاتف وتزول منه البركات الكثيرة للحياة المشتركة في حياة الإنسان، ونقرأ في الحديث الشريف عن الإمام علي(عليه السلام)قوله: «مَنْ سـا ئَتْ ظُنُونُهُ إِعتَقَدَ الخِيـانَةَ بِمَنْ لا يَخُونُهُ»(2).
ب) إنّ سوء الظن يؤدّي إلى تدمير وتخريب الهدوء النفسي والروحي، لذلك المجتمع كما يميت الهدوء النفسي لأصحاب هذه الرذيلة الأخلاقية، فمن يعيش سوء الظن فإنّه لا يجد الراحة والاطمئنان في علاقته مع الآخرين ويخاف من الجميع وأحياناً يتصوّر أنّ جميع الأفراد يتحرّكون للوقيعة به ويسعون ضدّه، فيعيش في حالة دفاعية دائماً وبذلك يستنزف طاقاته وقابلياته بهذه الصورة الموهومة.
ج) ومضافاً إلى ذلك فإنّ في الكثير من الموارد نجد الإنسان يتحرّك وراء سوء ظنه ويترجم سوء الظن هذا إلى عمل وممارسة وبالتالي يوقعه في مشاكل كثيرة، وأحياناً يؤدّي به إلى إرتكاب جريمة وسفك الدماء البريئة، وخاصة إذا كان سوء الظن يتعلق بالعرض



1. المصدر السابق.
2. غرر الحكم.




[ 297 ]


والناموس أو يتصوّر أنّ الآخرين يتآمرون عليه ويهدفون إلى الوقيعة به في ماله أو عرضه، بحيث يمكن القول أنّ العامل الأصلي للكثير من الحالات الجنائية هو سوء الظن الذي لا يقف على أساس متين والذي يدفع الإنسان إلى إرتكاب حالات العدوان والجريمة بحق الأبرياء.
ولهذا السبب ورد في الروايات السابقة عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) قوله: «سُوءُ الظَّنِّ يُفْسِدُ الاُمُورَ وَيَبْعَثُ عَلَى الشُّروُرِ».
والأهم من ذلك أنّ في الكثير من موارد سوء الظن الّتي يترتّب عليها إرتكاب جريمة بحق الطرف الآخر فانّ هذا الإنسان الذي قاده سوء ظّنة لإرتكاب هذه الجريمة سوف يثوب إلى رشده ووعيه بعد ذلك ويشعر في قرارة نفسه بتأنيب الضمير ويتسلّط عليه الاحساس بالإثم الذي قد يؤدي به إلى الجنون أحياناً.
وعلى سبيل المثال نشير إلى حادثة واحدة منها، فعند ما دخل الطبيب النفساني يوماً ليعود مرضاه في مستشفى المجانين والمتخلفين عقلياً رأى رجلا قد جىء به حديثاً إلى هذا المكان وهو يرّدد كلمة (منديل) مرّات عديدة، وعند ما بحث هذا الطبيب النفساني عن حاله واستقصى مرضه العقلي رأى أنّ السبب في جنون هذا الشخص هو أنّه رأى يوماً في حقيبة زوجته منديلا يحتوى على قنينة عطر وبعض الهدايا المناسبة للرجال، فأساء الظن بزوجته فوراً وتصور أنّها على إرتباط برجل أجنبي، فكان أن قتلها بدافع من الغضب الشديد وبدون تحقيق وفحص، وبعد أن فتح المنديل رأى في طيّاته ورقة كتب عليها، هذه هدية منّي إلى زوجي العزيز بذكرى يوم ولادته.
وفجأة أصابته وخزة شديدة وشعر بضربة عنيفة في أعماق روحه أدّت إلى جنونه فكان يتذكّر هذا المنديل ويكرّره على لسانه.
د) إنّ سوء الظن هو في الحقيقة ظلم فاضح للغير، لأنّه يجعل الطرف الآخر في قفص الأتّهام في فكر هذا الشخص وذهنه فيكيل له أنواع السهام ويطعنه في شخصيّته وحيثيته، فلو أضفنا إلى ذلك بعض الممارسات العملية المستوحاة من سوء الظن لكان الظلم أكثر

[ 298 ]


وأوضح، ومن هذه الجهة قرأنا في الحديث الشريف عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) قوله: «سُوءُ الظَّنِّ مَنْ أقَبَحَ الظُلُم».
هـ) إنّ سوء الظن يتسبّب في أن يفقد الإنسان أصدقاءه ورفاقه بسرعة، وبالتالي يعيش الوحدة والإنفراد والعزلة وهذه الحالة هي أصعب الحالات النفسية الّتي يواجهها الفرد في حركة الحياة الاجتماعية، لأن كل إنسان متشخص ويحترم مكانته وشخصيته نجده غير مستعد لئن يعيش ويعاشر الشخص الذي يسيء الظن بأعماله الخيرة وسلوكياته الصالحة ويتّهمه بأنواع التهم الباطلة، وقد قرأنا في الأحاديث السابقة عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) أيضاً أنّه قال: «مَنْ غَلَبَ عَلَيهِ سُوءُ الظَّنِّ لَم يَترُكْ بَينَهُ وَبَينَ خَلِيل صُلحَاً».
و) وقد رأينا في الروايات السابقة أنّ سوء الظن يفسد عبادة الإنسان ويحبط أعماله ويثقل من كاهله يوم القيامة، فإذا كان المراد بسوء الظن في هذه الرواية هو سوء الظن بالله تعالى قد يتّضح حينئذ السبب في فساد العبادة وحبط الأعمال، وإذا كان المراد هو سوء الظن بالناس (كما نستوحي ذلك من ذيل هذه الرواية) فإنّ ذلك بسبب أنّ الإنسان الذي يعيش سوء الظن بالناس يرتكب في الكثير من الموارد التجسّس على الناس، وبالتالي يترتب على ذلك أن ينطلق في ممارساته الاجتماعية من موقع الغيبة للطرف الآخر والتهمة أحياناً، ومن المعلوم أنّ الغيبة والتهمة هي أحد الأسباب في عدم قبول الطاعات والعبادات.
ز) إنّ سوء الظن باعتباره انحرافاً فكريّاً، فإنّه سيؤثر بالتدريج على أفكار الإنسان الاُخرى وسيقود تصوراته وأفكاره في طريق الانحراف أيضاً، فتكون تحليلاته بعيدة عن الواقع ومجانبة للصواب، فيمنعه ذلك من التقدّم ونيل الموفقية في حركة الحياة، وقد ورد في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين(عليه السلام) قوله: «مَنْ سـاءَ ظَنُّهُ سـاءَ وَهمُهُ».


—–


[ 299 ]



الآثار السلبية لسوء الظن بالله:


إنّ سوء الظن بالله تعالى وعدم الثقة بالوعود الإلهية الواردة في القرآن الكريم والأحاديث المعتبرة له آثار سلبية مخرّبة في دائرة الإيمان والعقائد الدينية حيث يمثّل سوء الظن هذا عنصراً هدّاماً لإيمان الشخص يبعده عن الله تعالى كما قرأنا في الروايات السابقة عن نبي الإسلام(صلى الله عليه وآله) في مناجاة النبي داود(عليه السلام) قوله: «يـا رَبِّ مـا آمَنَ بِكَ مَنْ عَرَفَكَ فَلَم يُحسِنِ الظَّنَّ بِكَ»(1).
ومضافاً إلى ذلك فإنّ سوء الظن بالوعود الإلهية يتسبب في فساد العبادة وحبط العمل، لأنّه يقتل في الإنسان روح الاخلاص وصفاء القلب، وقد قرأنا في الأحاديث السابقة أنّه: «إِيِّاكَ أَنْ تُسِيءَ الظّنَّ فَاِنَّ سُوءَ الظّنِّ يُفسِدُ العِبـادَةَ وَيُعَظِّمُ الوِزرَ»(2).
والملاحظة الاُخرى هي أنّ سوء الظن بالله تعالى وعدم الثقة بوعده يورث الإنسان الضعف والاهتزاز أمام الحوادث الصعبة والظروف العسيرة، كما ورد في تفسير الآيات الشريفة في باب سوء الظن أنّ بعض المسلمين الجدد ابتلوا بسوء الظن بالوعد الإلهي بنصر المجاهدين في ميادين القتال، وبالتالي عاشوا الهزيمة الروحية أمام الأعداء في حين أنّ المؤمنين الحقيقيين الذين كانوا يعيشون حسن الظن بالله كانوا يتصدّون للأعداء وقوى الانحراف والزيغ بمنتهى الشجاعة والشهامة والجرأة.
ومضافاً إلى ذلك فإنّ سوء الظن بالله تعالى بأمكانه أن يحرم الإنسان من العنايات الإلهية واللطف الرباني، لأنّ الله تعالى يتعامل مع عبده بما يتطابق مع حسن ظنه أو سوء ظنّه بربّه كما قرأنا في الأحاديث السابقة في وصيّة لقمان الحكيم لابنه حيث يقول:
«يـا بُنَيَّ أَحسِنَ الظّنَّ بِاللهِ ثُمَّ سَل فِي النّاسِ مِنْ ذا الَّذِي أَحسَنَ الظَّنَّ بِاللهِ، فَلَم يَكُن عِندَ ظَنِّهِ بِهِ»(3).
وخلاصة الكلام أنّ الإنسان إذا أراد أن يعيش الهدوء النفسي والاستقامة في خط



1. بحار الانوار، ج67، ص394.
2. غرر الحكم.
3. آثار الصادقين، 12، ص240.




[ 300 ]


الصلاح والإيمان والتصدّي للنوازع الدنيوية وعناصر الشر وبالتالي ينال الإيمان الخالص وعناية الله تعالى ورعايته ينبغي له أن يعيش حسن الظن بالله تعالى ويثق بوعده.


أسباب ودوافع سوء الظن:


إنّ هذه الرذيلة الأخلاقية حالها حال سائر الرذائل الاُخرى تنشأ من عدّة عوامل وأسباب:
1 ـ التلّوث الظاهري والباطني: فالأشخاص الذين يعيشون حالة التلوث النفسي في واقعهم يتصوّرون الآخرين مثلهم من خلال (المقارنة مع الذات) والتي هي حالة تكاد تكون سائدة عند أغلب الناس حيث يتصوّرون أنّ الآخرين مثلهم، فما لم يتطهر الإنسان في ذاته ونفسه فمن العسير أن يتخلّى من سوء الظن بالنسبة إلى الآخرين، وفي ذلك ورد عن الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) قوله: «لا يَظُّنُّ بِأَحَد خَيراً لأنّهُ لا يَراهُ إلاّ بِطَبعِ نَفسِهِ»(1).
2 ـ المعاشرة مع رفاق السوء: فالشخص الذي يجالس رفاق السوء والفاسدين والأشرار من الناس فمن الطبيعي أن يسيء الظن بجميع الناس لأنّه يتصوّر أنّ الناس مثل هؤلاء الرفاق كما ورد في الحديث الشريف عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) قوله: «مُجـالَسَةُ الأَشرارِ تُورِثُ سُوءَ الظَّنِّ بِالأخيـارِ»(2).
3 ـ المحيط الفاسد: عندما يعيش الإنسان في اُسرة ملّوثة أو في مدينة أو مجتمع متخلّف وسيء على المستوى الثقافي والأخلاقي، فإنّ ذلك من شأنه أن يورثه سوء الظن بجميع الأفراد حتى الأخيار منهم، وحتى لو كان يعاشر ويجالس الصلحاء ولكنّ غلبة الفساد والانحطاط في المجتمع بإمكانه أن يخلق فيه سوء الظن.
4 ـ الحسد والحقد والتكبّر والغرور: وتعتبر عاملاً آخر من عوامل سوء الظن، لأنّ الإنسان الحسود والحقود يريد من خلال سوء الظن تسقيط شخصية الطرف الآخر والتقليل



1. غرر الحكم.
2. بحار الانوار، ج71، ص197.




[ 301 ]


من اعتباره، وكذلك الشخص المتكبّر يتحرّك من موقع تحقير الآخرين والسخرية بشخصيتهم من خلال إساءة الظن بهم وبذلك يخلق في ذهنه عن شخصية الطرف الآخر صورة مهزوزة وحقيرة.
5 ـ عقد الحقارة: وهي أحد العوامل لسوء الظن بالناس، فالشخص الذي يعيش الحقارة في شخصيته ويشعر بالتفاهة لذاته أو يجد من الآخرين تحقيراً لشخصيته فانّه يسعى كذلك في التنقيص من شخصية الآخرين واحتقارهم ويتصوّرهم شخصيات ملّوثة وحقيرة ليشبع هذه العقدة في نفسه ويرضي حالته النفسية المهزوزة، وحينئذ يشعر بالراحة الكاذبة من جرّاء ذلك.
أمّا سوء الظن بالله تعالى فيعتمد في الأصل على ضعف الإيمان واليقين في الإنسان واهتزاز صورة الاُلوهية في دائرة صفات الذات وصفات الأفعال، فضعف اليقين واهتزاز الإيمان من شأنه أن يخلق في فكر الإنسان سوء الظن وعدم الثقة بالوعود الإلهية لعباده، وكذلك بالنسبة إلى علم الله تعالى وقدرته ورحمانيّته ورازقيّته وسائر صفاته الحسنى، وبالتالي يوصد أمامه أبواب السعادة والنجاة.


مراتب سوء الظن:


وأحد الأسئلة المهمّة التي تثار على بساط البحث في هذا المورد هو أنّه أساساً هل أنّ سوء الظن أمراً اختيارياً أو غير اختياري؟ فلو رأى الإنسان ظاهرة معيّنة وأساء الظن بشخص أو أشخاص بدون اختيار، فهل هذا المعنى يوجب له الذم والتوبيخ؟ وهل تقع هذه الحالة مورداً للتكليف مع أنّ مقدّماتها غير اختيارية؟ وكيف يمكن تعلّق الذم والعقاب بأمر غير اختياري؟
ويمكن الإجابة عن هذه التساؤلات وعلامات الاستفهام من طريقين:
الطريق الأول: أنّ سوء الظن هذا الذي يقفز إلى ذهن الإنسان بدون اختيار منه لا يكون مورد الذم والعقاب لوحده، فلو أنّه لم يتجسّد في مرحلة العمل ولم يرتب الإنسان عليه أثراً [/size]


الاخلاق في القران 997417
الاخلاق في القران 345116
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مي زياد
صديق ماسي
صديق ماسي
مي زياد


انثى
عدد المساهمات : 149
العمر : 35
الاوسمة: : الاخلاق في القران Kdo6dx
الاخلاق في القران Empty
النشاط : 249
التقييم : 67

الاخلاق في القران Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاخلاق في القران   الاخلاق في القران Icon_minitime1السبت أكتوبر 02, 2010 1:19 am

هنيئا لك يا ابن آدم إذا أردت أن تكلم الله فقم الى الصلاة وإذا أردت أن يكلمك الله فاقرأ القرآن } •• »

[size=24]Brown]]ربي ألهمني يقيناً يجعلني أؤمن بأن كل [ مآأحلمُ بهْ ]!سيأتي يوماً , ,

الموضوع رائع جدااا
بانتظار القادم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ملاااك
صديق لامع
صديق لامع
ملاااك


انثى
عدد المساهمات : 7104
العمر : 33
الاوسمة: : الاخلاق في القران 410
احلى أكلة
النشاط : 9108
التقييم : 838

الاخلاق في القران Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاخلاق في القران   الاخلاق في القران Icon_minitime1الإثنين أكتوبر 04, 2010 5:00 pm

يسلمووو اختي سوسو
اتمني لك كل خير
الله يحفظك ويديمك
ننتظر جديدك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مي زياد
صديق ماسي
صديق ماسي
مي زياد


انثى
عدد المساهمات : 149
العمر : 35
الاوسمة: : الاخلاق في القران Kdo6dx
الاخلاق في القران Empty
النشاط : 249
التقييم : 67

الاخلاق في القران Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاخلاق في القران   الاخلاق في القران Icon_minitime1الإثنين أكتوبر 04, 2010 5:21 pm

سلمت يداكى غاليتى
يعطيك الف عافية جزيتى خيرررا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاخلاق في القران
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احلى اصحاب ::  المنتـــــدى الاسلامى :: راقي بأخلاقي -
انتقل الى: