السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
طبعا كلنا شفنا اللي حصل في تونس - البلد الشقيق - وأكيد اغلبنا -ان ما كانش كلنا - قلقانين ومش عارفين ايه مصيرها..
واكيد برضه كتير مننا اتمنى ان شعبنا الجميل تثور ثائرته ويقدر يعمل تغيير..
أو على الأقل .. بعض الحكام يفوقوا لوحدهم.. من غير ثورات..
من غير كلام كتير.. انا لقيت في مقال الأخ بلال فضل كتير من اللي في بالي
فقلت لازم تقروا كلامه معايا
بقلم بلال فضل ١٦/ ١/ ٢٠١١
هل شاهدت الرئيس التونسى
«المفلسع» زين العابدين وهو يطلع على شعبه فى شاشة التليفزيون متهدج
النبرات حنون النظرات مرتبك الحركات وقائلا لشعبه «خلاص فهمتكم.. لا رئاسة
مدى الحياة.. رسالتكم وصلت.. كانوا يقولوا لى معلومات غلط.. الكرتوش الحى
مامنوش فايدة.. سأطلق الحريات السياسية وألغى الرقابة على وسائل الإعلام..
نريد حالة وفاق وطنى شامل قبل ٢٠١٤»، هل بدا لك أنه الرجل نفسه الذى طلع
على الشاشات ذاتها قبلها بيومين ساخط النظرات ثابت الحركات حاد النبرات وهو
يصف الذين انتفضوا فى مظاهرات الخبز والحرية بأنهم «عصابات مخرّبة»
ويتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور؟!
ما بين المشهدين وبين مشهد
ركوبه الحلزونة الرئاسية هائماً على وجهه فى سماوات لم يخش من ربها، فارق
يكمن فى كلمتين لا ثالث لهما: «إرادة الشعوب»، وهو فارق يكشف لكل من لاتزال
على بصيرته غشاوة أن الحكام العرب لم ولن يعطوا شيئا لشعوبهم طواعية ولوجه
الله، بل لابد أن يشعروا أولاً بالخطر على عروشهم، عندما يحدث ذلك ستتغير
فجأة نظرتهم للواقع، ولن يعتبروا أن كل احتجاج وراءه أياد خفية أو أصابع
خارجية، وإنما وراءه شعوب طفح كيلها وفاض بها وأصبح ضهرها للحائط ولم يعد
لديها ما تخسره.
عندما يتحرك الناس بعد أن يدركوا أن «عاقبة الجبن
أوخم من عاقبة السلامة»، على حد تعبير سيدنا نجيب محفوظ، عندما يكتشف
الحاكم العربى أن كل شىء يمكن أن يضيع، حتى الثروات المتستفة فى الخارج لن
يكون لها نفس الطعم فى الغربة، عندها سيدرك أن قيمته تنحصر فقط فى تربعه
على كرسى الحكم، فما قيمة الحياة دون نفاق يحيط به من كل اتجاه، دون تصفيق
هادر، دون شعب يرصونه لكى يهتف باسمه، دون هامات المثقفين والسياسيين
المنحنية على الدوام. لو شعر الحاكم العربى أن كل هذا يمكن أن يختفى، سيصير
فجأة ليّناً طيّعاً هيّناً تصله الرسائل ويفهم على الشعب، عندها فقط سيضحى
بأقرب الناس إليه، بوزير داخليته الذى يفعل بأبناء شعبه ما لم يفعله
المحتلون الغزاة بنفس موات القلب، سيعترف بأن بلاده يمكن أن تعيش من غير
حكمته الخالدة فى مستقبل لا تظلله سحنته، ستجد مفاهيم الوفاق والحوار سبيلا
إلى لسانه، سيعترف بأن هناك أخطاء وقعت فى ظل حكمه، ولن يتحدث عن الفساد
بوصفه أمرا عاديا يقع فى كل بلاد العالم، سيعترف بأن الاستقرار الذى كان
يتغنّى به كان مواتاً، وأن الإنجازات التى كان يطنطن بها لم تكن للفقراء
والعامة، وأن الأكاذيب لا يمكن أن تصنع استقراراً إلى الأبد، عندها فقط
سيسأل بلهفة بين خطاب تاريخى وآخر: «هل جهزتم الطائرة.. هل ملأتموها
بالجازولين؟».
هى يا صاحبى معادلة قديمة وضعها، ويا سبحان الله،
شاعر تونسى قال بيتاً من الشعر ظل العرب يرددونه عشرات السنين دون أن
يتصوروا أن تطبيقه على أرض الواقع لن يكون إلا فى البلد نفسه الذى أنجب
قائله «إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر»، قالها
أبوالقاسم الشابى منذ سنين بعيدة، ولعله الآن يرقد فى قبره سعيداً هانئاً
وهو يسمع بيته الشعرى هادراً على ألسنة الملايين من أبناء تونس الذين سئموا
الكذب والفساد والظلم، وقرروا أن يكونوا مثالاً مشرفاً لشعوب هائمة نائمة
تأكل بعضها البعض، تاركة الفاسدين والظلمة يرتعون فى خيراتها المنهوبة،
بينما هى تظن أن التغيير يمكن أن يهبط عليها من السماء، وأن الله يمكن أن
يغير سننه فى الكون خصيصاً من أجلها.
أياً كانت نتيجة انتفاضة
التوانسة الأحرار التى دفعوا ثمنها غاليا، والتى هم وحدهم قادرون على ألا
يقطف لصوص آخرون ثمارها، فقد بعثت تلك الانتفاضة المجيدة الروح فى كلمات
قليلة ظللنا لسنين نتعامل معها على أنها مجرد شطحة شعرية قالها شاعر شاب
قبل أن ينقصف عمره، فاتضح أن تلك الكلمات هى المبدأ والمنتهى، وأنها عندما
تمتزج بدماء الشهداء الذكية يمكن أن تكون قوة عاتية ترعش العروش وترقق
أصوات المستبدين وتكسبهم تواضعا لم يكن يخطر لأحد فى الأحلام، وتسقط الطغاة
بأيدى شعوبهم لا بأيدى الغزاة.
إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر.. وفى الأحرف الثلاثة التى تتكون منها كلمة «إذا» تكمن مأساتنا.